سيدنا نوح عليه السلام
0
قبل أن يولد قوم نوح، عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح زمناً ثم ماتوا، كانت أسماء الرجال الخمسة هى(ودُ، سُواع، يغوث،يعوق، نسرا). وبعد موتهم صنع لهم الناس تماثيل للذكرى والتكريم لهؤلاء الرجال. ومرت السنوات ومات الذين نحتوا التماثيل..وجاء أبنائهم.. ومات الأبناء وجاء أبناء الأبناء.. ثم نسجت قصص وحكايات حول التماثيل وأنها لها قوة خاصة. واستغل إبليس الفرصة ، وأوهم الناس بأن هذه التماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على الضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل.0
0
كان سيدنا نوح على الفطرة مؤمناً بالله تعالى قبل بعثه إلى الناس، كما هو حال جميع الأنبياء فهم مؤمنون بالله قبل بعثهم. ثم اختار الله سبحانه وتعالى سيدنا نوح لحمل الرسالة ، فخرج سيدنا نوح إلى قومه يدعوهم لعبادة الله وحده فهو الخالق سبحانه ولا إله غيره، وأن الشيطان قد خدعهم زمناً طويلاً. وحدثهم عن تكريم الله تعالى للإنسان، كيف خلقه ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل.0
0
وقد لمست الدعوة قلوب الفقراء والضعفاء والبؤساء، أما الأغنياء والأقوياء والكبراء فقد بدؤوا حربهم على سيدنا نوح بقولهم:"ما نراك إلا بشراً مثلنا". فرد عليهم نعم أنا بشر فالأرض لا يسكنها إلا بشر ، والله يرسل رسولاً من البشر إليها.0
0
في البداية إعتقد الكافرون أن دعوة نوح لن تستمر ، ولكن عندما وجدوا أن الدعوة تجذب الضعفاء والفقراء من القوم، هاجموه في أتباعه وقالوا له: لم يتبعك الضعفاء والفقراء والأراذل. إذا أردت أن نؤمن لك فاطرد الذين آمنوا بك، إنهم فقراء وضعفاء ونحن سادة القوم وأغنياؤهم، ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة مع هؤلاء.0
0
عرف سيدنا نوح بأن الكفار يعاندون ورد عليهم رداً طيباً فقال: هؤلاء ليسوا ضيوفى وإنما ضيوف الله، والرحمة ليست بيته يدخل به من يشاء ويطرد منه من يشاء، وإنما الرحمة هى بيت الله سبحانه يستقبل فيه من يشاء. وإستمر سيدنا نوح في دعوته وكان يرد على كل حجج الكفار بمنطق الأنبياء. وكان يقول للكفار بأنه ليس ملك ولا يملك خزائن الله ، ولا يعلم الغيب ولا يطلب أجراً من الكفار وإنما أجره على الله تعالى، ولكن الكفار كانوا يزدادون في عنادهم وكبريائهم.0
0
وإستمر سيدنا نوح في دعوته إلى الله ، يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عام.. ومرت الأعوام وسيدنا نوح يدعو قومه ليلاً ونهاراً ، سراً وجهراً، ويضرب لهم الأمثال، ويشرح لهم الآيات، ويبين لهم قدرة الله في الكائنات. وكان الكفار كلما دعاهم فروا منه وجعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق. واستمر سيدنا نوح يدعو قومه 950 عاماً ، وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد ، بينما يزيد عدد الكافرين. وحزن سيدنا نوح ولكنه لم يفقد الأمل، وظل يدعو قومه ويحاججهم ، وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح.0
0
ثم جاء يوم أوحى به الله لسيدنا نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. وأوحى الله إليه أن لا يحزن على قومه، فقام سيدنا نوح عليه السلام ودعا للكافرين بالهلاك " وقال نوح ربى لما تذر على الأرض من الكافرين دياراً ". وأصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان وأخبر الله تعالى سيدنا نوح بأن يبنى سفينة بعلم الله ومساعدة الملائكة. وبدأ سيدنا نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع السفينة. إنتظر سنوات، ثم قطع ما زرعه، وبدأ نجارته. كانت سفينة عظيمة الطول والارتفاع والمتانه. وكان يمر عليه الكفار فيرونه منهمكاً في صنع السفينة، والجفاف سائد، ولا يوجد أنهار قريبة أو بحار. وكانوا يسألونه: كيف ستجرى هذه السفينة يا نوح؟ هل ستجرى على الأرض؟ أين الماء الذى ستجرى عليه سفينتك؟ ويقولون: لقد جن نوح، وتتعالى ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم من سيدنا نوح. وكانوا يسخرون منه بالقول: أصبحت نجاراً بعد أن كنت نبياً.0
0
إنتهى سيدنا نوح من بناء السفينة ، وجلس ينتظر أمر ربه. وأوحى الله تعالى إلى نوح أنه إذا فار التنور فهذه علامة على بدء الطوفان. وجاء اليوم الرهيب وفار التنور، وأسرع سيدنا نوح يفتح سفينته ويدعو المؤمنين به للدخول فيها، وهبط سيدنا جبريل من السماء إلى الأرض. وحمل سيدنا نوح إلى السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين إثنين. وكان سيدنا نوح قد صنع أقفاصاً للوحوش وهو يبنى السفينة. وساق سيدنا جبريل أمامه من كل زوجين إثنين لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض.0
0
وبدأ صعود السفينة ، صعدت الحيوانات والطيور والوحوش، وصعد من آمن بسيدنا نوح، وما آمن به إلا عدد قليل ما يقارب ثمانون شخصاً. ولم تكن زوجة سيدنا نوح مؤمنة به فلم تركب السفينة. وكان أحد أبنائه يخفى كفره ويبدى الإيمان أمام سيدنا نوح، فلم يصعد كذلك. وبدأ الماء يرتفع من فتحات الأرض، وانهمرت من السماء أمطاراً غزيرة بكميات لم ترى الأرض مثلها. فإلتقت أمطار السماء بمياه الأرض، وانفجرت أمواج البحار ودخلت على اليابسة، وغرقت الكرة الأرضية كلها بالماء. ، وارتفعت المياه وتجاوزت الأشجار وقمم الجبال، وهنا نادى سيدنا نوحاً إبنه أن يركب معهم السفينة، ولكنه قال لأبيه سألجأ إلى الجبل وأحتمى من الماء، ولكن الموج حال بينهما فكان من المغرقين. ولم يرى سيدنا نوح إبنه وهو يغرق وإعتقد أنه مؤمن وأنه أراد أن يصعد الجبل ليحميه من الماء. وبعد ساعات كان كل شىء في الأرض ميت إلا سفينة سيدنا نوح وما تحمل من الذين آمنوا به . واستمر الطوفان زمنا لا يعرف مقداره، ويعتقد علماء الجولوجيا اليوم أن إنفصال القارات، وتشكل الأرض بصورتها الحالية كان نتيجة طوفان عظيم، ثارت فيه المياه ثورة غير معروفة.0
0
ثم أصدر الله سبحانه وتعالى أمره الإلهى إلى السماء أن تكف الأمطار، وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء، وإلى أخشاب السفينة أن ترسو على الجودى ، وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق. ويقال بأن الله أعقم أرحام قوم نوح أربعين سنة قبل الطوفان، فلم يكم من بين من هلك طفل أو صغير. وقيل أن السفينة رست يوم عاشوراء فصامه سيدنا نوح وأمر من معه بصيامه. وبعد ان استقرت السفينة تذكر سيدنا نوح إبنه ولم يعرف حتى هذه اللحظة بأنه كافر، كان يتصور أنه مؤمن عنيد آثر النجاة باللجوءإلى الجبل. هنا خاظب سيدنا نوح الله سبحانه وتعالى قائلا: يا رب إنك وعدت بنجاة جميع المؤمنين وأن إبنى منهم. هنا قال له الله تعالى:"يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إنى أعظك أن تكون من الجاهلين". فاستغفر سيدنا نوح الله وتاب إليه ورحمه الله وأمره بأن ينزل من السفينة محاطاً ببركة الله ورعايته. وهبط سيدنا نوح من سفينته، وأطلق الطيور والوحوش والحيوانات فتفرقت في الأرض.0